البحث

الأربعاء، 7 سبتمبر 2016

أحببتُ كاتبة - الجزء (3) ... "سأعترفٌ لها كَبطلٍ في رواية " ..

..(3) ..." سأعترف لها كبطل في رواية" ...
.
  إذا كانَ ما أنّا به الآن حُلم ، فأنّا أرفضُ وبِكُل قوةٍ الإستيقاظ ،،
لنْ أستيقظ .. رجاءً لا توقِظونّي ،،
أُريد هذا الحُلم أنّ يدوم للأبد ،،
للأبدّ ،،
كنت غارقاً في التفكير ، هل أنّا في حُلم أم في عِلم ، حتى تَنبهتُ على صوتها الحزين الّذي جائني كعزف بيانو منفرد في منتصف ليلةً باردة ،،
كان الحُزنُ يغطي صوتّها حينها ،،
لكنْ لما هي حزينة ،،
لمْ يكن الحزن بادٍ عليها .. لكن رعشة صوتّها تلك تكشفها ،،
- " ماذا تَفعلُ هنا ؟ "
ارتَعش جسدي كميتٍ عادتْ له الروح ،،
- " أبحثُ عنْ ضالتّي "
- هل أُساعدكْ ؟ "
- " لا داعي .. لقد إصطدمتُ بضالتي منذ قليل "
الدهشة .. كانتْ معالم وَجهِهَا حين سمعتنّي أقول ذلك ، ملامحها تلك .. نسماتُ المساء التي تُداعب شعرها الحريري ، لنْ أكف عن الإفتتانِ بهذا المشهد مهمّا تكرر أبداً ،،
إبداً ،،
كنتُ لا زلتُ علقاً في الفراغ بين الحُلم والحقيقة ، أخشّى الإستيقاظ فيهربْ الحُلم منّي ، وأخشى ألا استيقظ فتهربْ الحقيقة منّي ،،
ماذا أفعل ؟ ،،
بوصلتّي تعطلتْ ،،
لا أعرف كيف أتجهُ الآن ،،
ايّ طريق أسلك ؟! .. الحُلم أم الحقيقة ،،
- " حسناً علي الذهاب الآن منْ بعد إذنك" .. وإستدارت للذهاب
تنبهتُ للأمر ،،
- " لحظة وأحدة " .. اعترضتُ طريقها
- "ماذا الآن ؟" .. قالتها ببعض الإنزعاج
- " أينَ إختفيتي ؟ "
- " إفتقدتنّي ؟ "
- " كثيراً " .. قلتها بحزن
- " لكنّك لا تعرفني " .. بتهكمْ واضح
- " هل يجبُ أنّ اعرفكِ .. أسمك وعُمركِ ومن أين أنتّي ، هل يجبُ أنّ أعرفها كيّ أفتقدك ؟"
لمْ تُجب بحرفٍ واحد ،،
قاطعتُ سكوتها ،،
- " ما إسمُك ؟ "
- " لنْ أخبركَ به .. إبتعد عنْ وجهي الآن ، أُريد أنّ امر "
- " لمْ أكنّ أعلم أننّي أغطي الطريقَ بأكمله بجسدي ! .. لا يمكننّي تغطية طريق واسع بجسدي آنستي ، لكنّ إعترفي أنها حجة كي أتمسك بكِ "
- " ماذا " .. فتحت فاهها بدهشة وإستنكار
أمسكتُ بيدها وذهبتُ بها بعيداً ، حيثُ المكانْ الذّي أُحبْ ، المكانُ في الليل أجملْ ، فهمو مرتفعٌ و مطلٌ على أضواء المدينة في الأسفل ، الشجرة تحيني وتنحنّي مع الرياح محتفلين بقدومي ، وها هو المقعد الخشّبي القديم الّذي أحب ،،
طوال الطريق كانتْ تُحاول إفلات يدها منّي ، لكنها في النهاية إستسلمتْ ،،
- " الوقت متأخر .. يجب أنّ اعود " .. قالتها بإرتباك
- " ارجوكِ .. قليلا من الوقتْ " .. حاولتُ أن أطمئنها بنظراتي لها
وقفتُ أشيرُ بيدي حيثُ أضواء المدينة ، المنظر جميلٌ جداً ،،
اشرتُ لها بلإقتراب وإلقاء نظرة ،،
بدت مُنبهرة جداً أيضاً .. مثلي تماما ،،
- " هل يوجد مكانٌ كهذا ؟ "
- " اليوم في تاريخه هذا في هذه الساعة من المساء ، سأُحبك للأبدّ "
أجل لقد قلتها لها ،،
لمْ أتردد ،،
لم أرتجفت أبدا ،،
قلبي الّذي ارتجف ،،
وقفتْ في مكانها دون حراك ، لقد كانت هادئة وكأنّها لمْ تسمعني أبداً ،،
إلتفتْ إليّ ،،
- " إلى الأبد ؟ "
- " ألا يعترف الأبطال بحبهم بهذه الطريقة في الروايات ؟ "
- " إلى الأبد .. أكرهها ، إلى الأبد .. لا شيء يبقى على حاله إلى الأبدّ ، إلى الأبد .. حتى تاريخَ اليوم يتغير والفصول في السنة تتغير كُل شيء في تغير دائم ، حتى نحن البشر ، لا يوجد إلى الأبد " .. كانتْ حزينة !
- " في الكتبْ الا يوجد إلى الأبد ؟ "
- " في الواقع لا يوجد "
حاولتُ أنّ أقرئها علنّي أفسر سبب قولها ذاك ،،
لحظة ُ صمتْ .. تتبعها صرخاتٍ غاضبة منّها ،،
- " لا تعرفنّي وتقول سأحبك إلى الأبد ، كفَّ عنْ هذا الهراء رجاءً "
- " أعرفك .. أعرف شّعركِ وعيناكِ ،
أعرفُ مُذكرتكِ وكتابكِ ،
أعرفُ طاولتكِ و كُرسيكِ في المقهى ،
أعرفُ النافذة التي يدخلُ منها الريح ليداعب خصال شَعرك ويطير أوراقك ،
أعرفُ قهوتكِ الباردة ونظارتك للقراءة ،
أعرفُ كُل هذه إلا يكفيكِ ذلك ؟ ،
لإحُبكِ ؟ "
ضحكتْ ، لقد تردد صوت ضحكتلها في المكان بصوتٍ عالٍ ،،
- " كمْ أنتَ سخيف" .. قالتها بإبتهاج
- " أثرتُ إعجابكِ ؟ "
- " علي العودة" .. بإستعجال
- " سأوصلك "
سِرتُ معها خطوة بِخطوة ، لمْ أكنّ أعلم أنّ خطواتي ثمينة لهذه الدرجة ، ربما لأنّها تسير إلى جواري ،،
- " لقد وصلنا ، هذا منزلي "
- " اها .. منزلٌ جميل "
- " شكراً على مواساتك لي اليوم .. تصبح على خير " .. إستدارت تصعد الدرج
- " هل أراكِ مرة أخرة ؟ "
- " ردع الإجابة للقدر " .. إستدارت نحوي .. " إسمي قمر وأنتَ ؟ "
- " إذا أنتّي قمر فأنّا ليل "
- ضحكتْ .." حسنا يا ليل وداعاً "
- " لنلتقي غدا في المقهى "
لمْ تقل أيّ شي ، لكنّي متأكد أنّي سأراها هناك غداً بلا أدنى شك ،،
عُدتُ إلى المنزلِ وقلبيّ يرقص فرحاً ، ووجهيَّ يكادُ أنّ ينشق نصفين من إتساعِ إبتسامتّي ،،
أُمي .. أبي .. صديقي ،،
كانوا ينتظرونّي بقلق ،،
- صديقي : " أينَ كُنت ؟ ، قلقنا عليك "
- " في الجنّة " .. واتجهتُ نحو غرفتي في سعادة
وقفَ الجميعُ في الخارج مستغربين حالي ، ذهبتُ تائهاً مُحتاراً ، وعدتُ أصفر منْ السعادة ،،
- صديقي : " لقد جنَّ حقاً " .. في استغراب
- أبي : " أنّا أفقدُ ولدي بلا شك " .. في قلق ظاهر
وأجهشت أُمي في البكاء على حالي قائلة : " لا بدّ أنهُ مريض " ،،
- صديقي : " أجل أنهُ مريضُ بفتاة لا يعرفها حتى "
إندهشَّ والداي للأمر وبدا لهما مفسرا لحالٍ كثيرة رأياني فيها من قبل ، ومفسرا لحالتي الان وفيما بعد ،،
إستأذن صديقي بالإنصراف بعد أنّ إطمأن علي ، وذهبَ إلى منزله ،،
دخلَ والداي غُرفتي والقلق بادنٍّ عليهما ،،
إبتسمتُ لهما وقبتُ رأسيهما وقلت لهما أننّي بخير وألا يقلقا أبداً ،،
- أبي :" عُد للعمل غداً "
- " حسنا يا والدي "
- امي : "ليحمك الله يا ولدي "
وإنصرفا ،،
بقيتُ وحدي ،،
رأيتها ،،
تلك الورقة التي كتب عليها : " الحقيقة المُرة .. أفضلُ من الأوهام البالية ، ولو أسفرت عن قلبٍ مُحطم " ،،
تأملتُها ،،
خطُوها جميل جدا .. لكن ماذا يمكنْ أن تعنيه هذه العبارة ؟ ،،
لا يهم ،،
وضتُها في إطارٍ للصور بجوار سريري ، تأملتها طوال الليل وانّا أحلم برؤيتها غداً ،،
متى يأتّي الغد ؟ ،،
زقزقة عصافير ، واشراقةُ شمس يومٍ جديد ،،
إستيقظتُ على عجل ، ولبستُ ملابسي على عجل أيضا ، لا بدّ أنَها الآن في المقهى ، نزلتُ بسرعة في إستغراب من والداي ،،
- ابي :" وحيدي جنّ "
- امي : " ربنا يهديه للصواب دائما "
لقد سَمعتُهما ، والداي طيّبا القلب ، أُحبهمّا كثيراً ،،
بخطواتٍ سريعة جداً ،،
بخطواتٍ كبيرة جداً ،،
كنتُ أسير نحو المقهى ،،
دلختُ المقهى واللهفةُ تملئ قلبّي .. سأقَبلُها مرة أُخرى اليوم ، "قمر" سأقبلها مرة أخرى .. لكنْ هل هذا إسمها حقاً ؟ ،،
ولكنّي ،،
إنتظرتُ ،،
وإنتظرتُ ،،
حتى ملَّ الإنتظارُ منّي ،،
ذهبتُ حيثُ تسكنْ ، وإنتظرت ،،
كمْ هي الثواني بطيئة في الإنتظار ،،
لقد تَوقف الوقتْ ،،
أرجوكَ أيها الوقتُ تَحرك وتعال بها إليّ ،،
لقد ،،
لقد ظهرت أخيرا ،،
تنزلُ عن درج منزلها ،،
كانتْ بطلتها الساحرة كالعادة ، سارتْ دونَّ أنّ تلاحظنّي وسِرتُ خلفها خلسة ، أخطف من أثارها حياة  لي ، حتى توقفتْ أمام مكتبة ،،
مكتبة ؟ ،،
لقد نسيتُ أنّها تُحبُ الكتب كثيراً ،،
- " ليتنّي كتابْ في هذه المكتبة لتأتّي وتزورينّي بشوق كالذي بادنٍ عليكِ "
تنبهتْ لوجودي ، وإستدارت نحوي مندهشّة ،،
- " لما أنتَ هنا ؟ "
- " لأنّكِ لم تأتي إلى المقهى "
- " لمْ أقل أنّي ذاهبة إلى هناك اليوم .. أذهبُ حينَ أشتاق للكتابة وأنّا أشتاق ألآن لأقرأ "
- " كيفَ أجعلكِ تُحبينّي كالكتب ؟"
- " حاول أنّ تُبهرنّي .. يا ليل "
وسارتْ نحو المكتبةِ وسرتُ خَلفها أفكر كيف يمكننّي أن أُبهرها ، راقبتُها وهي تحومُ حولَ الكُتبِ كنحلة تحوم حول الزهور عطشةٌ للرحيق .. لكنّها تدبو متعطشة لشي أخر ،،
ما هو ؟ ،،
- " أريدُ أنّ أقرأ " .. قلتُ لها
- " حقاً "
- " أريدُ أنّ اعرف السرَ في حبكِ للكتبِ والروايات ، أُريدُ قرائتها علنّي أجدُ جواباً لسؤال ( كيف أبهرك ؟) "
- " تفضل إذا هذه الرواية "
مدتْ لي برواية بعنوان " حياتي خطيئة" ، تناولتها منّها متأملاً العنوان الغريب الّذي تحمله ،،
- " سأقرأها إذا ..لكنْ الستِ جائعة ؟ ، وقت الغداء "
- " حينَ يشبعُ عقلي .. لا أهتم إذا ما جاعتْ معدتي"
لغتها .. أفهمُها ولا أفهمُها ، لكنّ وجودي معها يعجلني أشعر بشعور مختلف ، لم أكنْ أجده مع ايّ فتاة عادية أخرى ،،
دعوتها لشرب فنجان قهوة ووافقت ، لقد شربتهُ حقاً وقتها ،،
كانتْ تُحدثني عن ذاك وتلك من الكُتاب ، وعن هذا وذاك من الكُتب ،،
يا إللهي كم عالمها واسع ،،
سأغرق بلا شك ،،
لا .. بل غرقتُ حقاً ،،
تَركتها لتذهبَ إلى منزلها ، وعدتُ إلى المكتب حيث وإستقبلتني نظراتُ والي القلقة بحرارة ، لم أهتم ، جلستُ على المكتب عمل .. أفكر لم أكنّ اعرف ،،
أنهيتُ يومي دون أن أدرك هل أنّا في الأرض ام السماء ،،
مشاعري مختلطة جداً ،،
الرواية .. "حياتي خطيئة " ،،
إنه المساء .. سأسهر الليل أقرئُها ،،
سأقرئُها ....
                              يتبع ،،
                             بقلمي\ سناء قبها 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق