البحث

الاثنين، 2 يناير 2017

كتبٌ و رواياتْ

إسم الرواية : " فتاة البرتقال" 
إسم الكاتب : " جوستاين غاردر"
أعمال أخرى للكاتب : " سرُ الصبر ، عالم صُوفي " 

مُلخصي عمّا قرأت

" يبدأ جورج بسرد القصة وهو الفتى ذو الخمسة عشر عاماً ، فهو يخبرنا أنّ والده قد توفي وهو في الرابعة منْ عمره بسبب مرض عُضال ، لهذا هو لا يذكرُ منْ والده الشيء الكثير وبضع صور وفيديوهات ، كان جورج لا يزال فتى الخمسة عشر عاماً ولكنّه ما لبث أن كَبُر كثيراً في ليلة واحدة فقط ..
يخبرنا جورج أنّ والدته قد تعرفت فيما بعد على شاب يدعى جورجن وقد تزوجا وأصبح لديه شقيقة لأُم تدعى مريام ، فجورج على توافقٍ جميل مع زوج والدته وأخته الرضيعة ..
كما يخبرنا كم يحبْ جديه اللذين حضرا ذاتْ يوم إلى منزلهم على حين غرةّ ، فقد كان ذاك اليوم هو اليوم الذي كَبُرَ فيه جورج سنوات كثيرة في ليلة واحد بسبب رسالة فقد ، رسالة كانتْ قد وجدتها جدتهُ في عربتة أطفال حمراء اللون في المستودع كان والده قد أوصاها ألا تفرط بها أبداً ، لمْ تفرط بها أبدأً والعجيب وجود رسالة قد كتبها الوالد إلى ولده حين يكبر بعنوان ( إلى جورج الكبير) ، فلمْ يجد الأب طريقة غير كتابة رسالة عن فتاة البرتقال ليوصل لإبنه الذي لن يراه كبيرا ما يريد إيصالهُ له ..
فالوالد (جون أولاف) قد حكى لجورج -الذي أعتكف ليلة كاملة في غرفته يقرأ ما كتبه والده - قصة حبهِ لفتاة البرتقال الغريبة ذات اللغز الجميل وكيس البرتقال الخاص بها ..
ومنْ القصة أرد سؤاله عن عدة أمور وأنّ يلفت نظره إلى الكثير منْ الأمور في هذه الحياة .. 
القصة جميلة جدا تبدأ من الطالب جون أولاف الذي يتعلم الطب ولقاءه بفتاة البرتقال التي كانت تظهر وتختفي دائما ، وهو ما كان ينفك من ملاحقتها لمعرفة من تكون ..
( شعرتُ أن الرواية تريد أنّ توصل إلي : أن الحقيقة ليست دائما كما نظن أو نعتقد في مخيلتنا ، وهذا ما سترونه أيضا )
الرواية لفتةٌ جميلة تحضنّا للنظر إلى الحياة من منّاظير أخرى مختلفة لرؤية روعة هذا العالم من حولنا ، كما أنّ ملاحقتنا لفتاة البرتقال مع البطل فيها شيء شيق وجميل ..
في نهاية الرواية يطرح الوالد جون أولاف على ولده جورج أسئلة لا يجب علي كتابتها لكي يكتشفها كل منْ يقرأ الرواية لوحده فهي محور كل الرواية من البداية ، هذه الاسئلة إستعصى على جورج الإجابة عليها في يوم او اثنين لقد إستغرقه الأمر إسبوع فأكثر للتفكير بإجابة لها ، إنّها أسئلة يجب علينا جميعاً طرحها على أنفسنا كي نغير من نظرتنا للحياة وطريقة عيشها ..

من فتاة البرتقال ؟ ومن هو رجل التويوتا ؟ 
لو أنّ فتاة البرتقال كشفت حقيتها منذ البداية ، هل ستتغير الأحداث يا ترى ؟
ثم هل كان جون أولاف سيحبها كما أحبها حين فرضت عليه لعبة القط والفأر بقوانينها تلك ؟
والكثير من الألغاز والأسئلة الشيقة ..
الرواية بإختصار تعبر عن : " جمال الفلسفة في الحياة " 

مشهدٌ أعجبني منْ الرواية : " لستُ أعلم إن كنتَ شعرت يوماً بشعور حاد لأنّك قمتَ بعمل غير مجدٍ ، فلعلكَ مشيتَ يوماً في الثلج و الوحل منْ البيت إلى المدينة لشراء شيءٍ كنت في أمس الحاجة إليه ، وحين وصلت أخيراً إلى الدكان وجدتهُ مغلقاً منّذ دقيقتينْ ، كم هي مزعجة هذه الأشياء ، ولكن ألا تنزعج جين تكون هذه الأشياء منْ صنع حماقاتنا ؟ "

أعجبني هذا المشهد كثيراً ، فقد أشعرني بعمق الخيبة الحاصلة فيه ..
والإعتراف أنّ ما يحصل لنا منْ خيبات ما هي إلا منْ أفعالنا الحمقاء لا أكثر ..


مقولاتٌ أعجبتني من الرواية
* " منْ لا يعيشُ زمانه لن يعيش في أيّ زمن ، وأنتَ ماذا تفعل ؟ "
* " طنّي أنّ اللغز قد ورد في هذه الرسالة كثيراً ، فمحاولة فهم الكون أشبهُ بالتأكيد بائتلاف مجموع قطع أحجية كبيرة ، وإنْ بدتْ هذه الأحجية مثل لغز ذهنّي أو روحيّ فلا غرو إنْ وجدنا الإجابة عنه في داخلنا ، لأننا في داخل هذا الكون ، بل قلْ نحن هذا الكون ! " 
* " يجب على المرء أنّ ينظر لأبعد منْ أنفه " 


تاريخ البدء والإنتهاء من القراءة : 1\1 - 1\2 سنة 2017 
منْ إعدادي الخاص : " سناء قبها


الجمعة، 4 نوفمبر 2016

قصة قصيرة - " المعطف والقدر "

كنت في عجلة من أمري , لم أعي ما حصل حتى وجدت نفسي في وسط الطريق دون معطف يقيني البرد الزاحف إلى عظامي بشدة , الشتاء هذا العام قارص جدا ..!
كان من المفترض أن بريدا قد وصلني من شخص كنت أحبه وسافر بعيدا , خرجت مسرعة لمركز البريد لاستلام ما وصلني لكن شيئا لم يصل , أشعر وكأن قلبي قد تجمد , لم يعد يذكرني ولا شك الآن .. الغربة غيرته بالتأكيد !
كنت عائدة أجر خلفي أذيال الخيبة بخطى متثاقلة , وقفت أبكي والسماء .. لم ألحظه يقترب مني ويحجب قطرات المطر عني بمظلته , أشار الي طالبا أن امسك المظلة فهمت ما يريد وأمسكتها , خلع معطفه وضعه على كتفي وذهب , هكذا دون أن يتفوه بأي كلمة حتى ..!
غريب لا أعرف عنه شيئا سوى لون مظلته ورائحته على المعطف , لديه عطر قوي مميز لم تستطع قطرات المطر غسلها ..!
عدت للمنزل انفض عني نفسي والحزن , اسير نحو الموقد لاتدفأ الجو بارد جدا , أخلع المعطف أعلقه ..!
مضت الأيام ولا أعرف صاحبه من يكون لأعيده إليه حتى جاء ذات اليوم في دار السينما , لقد تعرفت على رائحة العطر , في الظلام حيث جميع الأوجه غير مرئية كيف سأجده ?! , خرجت مسرعة عند نهاية الفلم أقف عند الباب أنظر لوجوه الجميع علني أجده لكني لم أجده ..!
استغرب الجميع أفعالي ولا يمكنني التوضيح , بقي المعطف معلقا بين ملابسي في خزانتي سنتين وأكثر ..!
كدت أنسى تلك الرائحة , رائحة العطر حتى جاء ذات يوم والدي يحمل لي خبرا سارا , شاب يريد التقدم لخطبتي , لقد كنت قد تخلصت من بواقي مشاعري لحبي القديم ولم أعترض على الأمر , و وافقت علي رؤيته في المساء وأهله !
جاء المساء وما أن دخل المنزل حتى تذكرت تلك الرائحة , لمحته من بعيد فتجمدت مكاني واختبئت , دخلوا و والدي إلى غرفة الضيافة , صعدت غرفتي إرتديت المعطف رغم أن الفصل ضيفا , ونزلت به لأقول له :" أهلا وسهلا " , استغرب الجميع من إرتدائي للمعطف في الحر عداه , لقد فهم معناها وقال :" جميل أنك لا زلتي تذكرينني " , قلت له :" لا أنسى شخصا قدم إلي يد العون يوما " , قال :" اعجبتني أكثر الآن" ..!

قصة حب جميلة قد بدأت حينها لكن في الحلال , فالحلال دائم أكثر ممن أحب سرا وهرب بعيدا دون أثر !

                                       بقلمي \ سناء قبها 
                                        4\11\2016 

الخميس، 13 أكتوبر 2016

أحببتُ كاتبة - الجزء(15) والأخير .."الوردة الحمراء " ..

...(15) .." الوردة الحمراء " ..
 ،
إستيقظتُ منْ نومّي خفيفة القلب .. لقد كان سامي يتجول في أحلامي طوال الليل ،،
المطر يرتطم بالنافذة يحدثُ صوتاً يحثني على سير الخطى نحوها وفتحِها ،،
ما أنّ فتحتها حتى لامستْ بعض قطرات المطر وجهي كأنّها تقول لي " صباح الخير ويومٌ سعيد " .. مددتُ يدي من الناذة لتبتل بالمطر ، لقد إبتل كمّ ملابسي الخاصة بالنوم ...
أشم رائحة القهوة .. هذا يجعلني أعلم تلقائيا أنّ أمي مستيقظة تعد بعض القهوة لي ولها ،،
إغتسلتُ وبدلتُ ملابسي ونزلتُ إليها لإحتساء القهوة معها ..
كنتُ جالسة وإياها تخبرني : " كمْ أنّا فخورة بطفلتي الصغيرة المبدعة .. لا أعلم كيف تحيكين الكلام بهذا الشكل الرائع ، لكنك تنسجين رواية بإتقان رائع عزيزتي .. أتمنى أنّ تكون رواية دافة للكثيرين في هذا الشتاء "
- " لمْ أعد طفلة يا أمي .. لكنْ أحبك مناداتك لي بالطفلة ، أتمنى ذلك أيضا يا أمي " .. بهدوء
- " أعلمْ – منْ خلال هذا الرواية- أنّك لم تتخطي سامي بعد ، أنّا آسفة عزيزتي .. ما كان علينا الرحيل بعيداً ، أعلم أنّك فعلتي ذلك بسبب حالتي النفسية المتدهورة " .. بأسف وحزن
- " أمي .. لا داعي لمثل هذا الكلام ، لقد أخبرتكِ أنّكِ كُل عائلي وحياتي .. أنّتي قبل الجميع يا أمي وقبل الحب أيضاً " .. مواسية
- " سأصعد إلى غرفتي لتبديل ملابسي .. لمْ أُبدلها بعد " .. ضحكت بلطف
- " حسناً " .. مبتسمة
بقيتُ مكاني جالسة أحتسي القهوة وأتذكر كل لحظة قضيتها مع سامي .. لقد كان السبب في خروجي من عزلتي ، المكانُ هنا ممل جداً .. لا يوجد شابٌ ثقيل الظل يلاحقني بأسئلة غريبة وبتطفلاتٍ كثيرة  كَليل أقصدُ كسامي ،،
ترى هل قرأها ؟! ...
نهضتُ من مكاني وقلتُ بصوتٍ عالٍ : " أمي  .. سأذهب للسير قليلاً "
فردت أمي من الداخل :" دفئي نفسك جيداً .. وخذي معكِ مظلة "
أجبتها :" حسنا أمي .. أراكِ "
إرتديتُ معطفي الكُحلي وحملتُ معطفي وخرجتُ للسير دونْ أي وجهةٍ محددة ،،
سرتُ في الطرقات والأزقة .. توقفتُ أمام نوافد المحلات لرؤية ما يعرضونه منْ بضائع ملفتة للنظر لكنّها لا تغريني لشرائها ،،
زرتُ المنتزه أيضاً ..كنتُ أفكر وأفكر وأفكر ،،
هل يوجد ولو إحتمال واحد في المئة أنّه قد قرأها ؟!! .. أرجو ذلك ،،
الطرقاتُ مبللة بالمطر .. ورائحة التراب بعد هطول الأمطار مغرية جداً ، أحبها جداً ..
لمْ أستطع رؤية الشتاء مع سامي حينْ رحلت .. كان الشتاء على مقربة منّا بخطوة ،،
لقد رحلتُ وبكيتُ كثيراً كما السماء كُل ليلة .. كنتُ أشتاق إليه لكنْ لا أستيطع فعل شيء ،،
كنتُ أرى الراحة مرتسمة على أمي بعد إنتقالنا فأتظاهر بأنّي مرتاحة أيضاً وسعيدة .. في النهاية كان الهروب إقتراحي أنّا ،،
بينما كنتُ أدور في دوامة أفكاري ... رنْ هاتفي ، لقد كان موظفاً في دار النشر يذكرني بموعد حفل توقيع الرواية ،،
أغلقتُ الهاتف بعد أنّ قلتْ :" لا تقلق سأكون هناك في الموعد .. وداعا"
خطر في خاطري خواطر كثيرة .. نفضتها عنّي بعيداً وأكملتُ سيري بكل هدوء ، هطل المطر خفيفاً لمْ أرد فتح المظلة أريد للمطر أنّ يبللني قليلاً ..
مضى يومان تأخذني أفكاري بعيداً وتعيدني .. أدور في دوامات كثيرة ، قلبي يخفُ بشدة وكأنّ أمراً ما سيحدث ،،
إختارت لي أمي ثوباً جميلا بنّي اللون فاتح و معطفٌ أبيض .. زينة شعرٍ كرستالية وحذاء أحمر ..
أحب الأحذية الحمراء .. يقولون الحذاء الجيد يقود صاحبه لأماكن جيدة ، وخاصة الأحمر ...
صباح اليوم المنشود .. أمي في عجلة منْ أمرها أكثر منّي أنّا المعنية في الأمر ، أجلسُ أراقبها كيف تحثني على التأنق ..
لقد ساعدتني على إرتداء ملابسي وتسريح شعري وتزينه .. بعدها إنشغلت بترتيب نفسها ،،
لقد كانت مصرة على جعلي أجمل الجميع ،،
" حسناً إنه حفل توقيعٍ لا أكثر أمي .. ثم إنّي يأبقى جالسة مكاني طوال الوقت" : قلت لها
- " يجب أنّ تكوني جميلة صغيرتي .. ماذا لو قابلتي الحب صدفة؟ "..مبتسمة
- " تتحدثين وكأنّ الحب رجل يسير على أقدام " .. بإستغراب
- " لا وقت للكلام .. يجب أنّ تكوني حاضرة قبل الجميع " ..تستعجلني
ذهبنا إلى المعرض .. كان هناك عدد كبير من نسخ الرواية وقد صفو بشكل جميل جداً ، المكان في الداخل كان لطيفاً جدا ودافئاً .. لا داعي للمعطف الأبيض على ما اظنّ لهذا نزعته ووضعته بالقرب منّي وجلستُ حيثُ قيل لي  ..
الوقتُ يمر ولحظة الصفر قد حانت .. بدأ الكثيرون بالحضور وطلب إهاء وتوقيع وكنتُ أفعل ذلك بكل سعادة غامرة ،،
الجميعُ كان لديهم أسئلة فضولية مثل :" هل هذه القصة حقيقية ؟"
- " لا أبداً " .. مبتسمة له
- " أظنْ أنّي شهدتُ قصةً كهذه منْ قبل " .. بنظرة فضولية
شعرتُ بأنّ شكلهُ مألوف لي .. أجبته :" ربما تشابه لا أكثر "
- " لا أظنْ .. كما وأظنّ أن النادل في المقهى أعرفه "
وهنا تذكرته .. إنه نادل ذاك المقهى الذي إلتقيتُ بسامي به أول مرة ،،
- " أنت ذاك النادل ؟ " .. بدهشة
إقترب منّي هامساً :" أجل .. ولنْ أخبر أحداً بشيء ، لكنْ ذاك الشاب جنّ وهو يبحثُ عنّكِ .. ثم لم يعد يأتي للمقهى بعدها "
- " جنّ ؟ " ..بدهشة
- " إذا ما إلتقيتما مجدداً .. أتمنى أنّ تكونا معا سعيدين كما في نهاية هذه الرواية آنستي "
أمال لي برأسه مبتسماً وذهب ،،
أية صدفة هذه .. هل يعقل أنّه قد فقد عقله كقيسٍ حين فقد ليلى ؟! ،  لا يعقل ...
تناوب الأمر بعدها ما بين توقيع لهذا وذاك .. ثم بعض الإستراحة ،،
لقد شعرتُ بخذرٍ في ذراعي .. فكرتُ بأنّ بعض التمارين ستفيد في إزالة الخدر ،،
بينما كنتُ أفعل ذلك مدّ لي بنسخة منْ الرواية أمام ناظريّ تبرزُ وردة حمراء وضعتْ فيها .. ثم لامس صوتٌ مألوف أذنّي قائلاً :" هل لي بتوقيع هنا لو سمحتِ ؟ " ..
شعرتُ بالخدر في رقبتي لم أستطع رفع رأسي إلا بصعوبة .. وما أنّ رفعته ورأيتُ المتلكم حتى أصبتُ بالخدر في كامل جسدي ،،
لقد .. لقد كان هو ، لقد كان سامي ..
وقع القلم من يدي لحظتها فهمّ بإلتقاطه وإعادته لي .. أعاد علي طلبهُ من جديد :" هل لي بتوقيع ؟" ،،
لم أعلم ما أفعل .. أمسكتُ الرواية من يده وسألته :" ماذا تريد الإهداء ؟"
- " لا داعي للإهداء لقد حصلتُ عليه في الصفحة الأولى على أي حال" ..مبتسماً
- " آه .. حسناً تفضل لقد وقعتُ عليها" .. بإرتباك وأطراف ترتجف
- " لقد نسيتي شيئاً "
- " ما هو ؟ " .. بإستغراب
- " الوردة الحمراء .. إستحبيها من بين الأوراق ، إنّها لكِ "
سحبتها .. أمسكتها ، تأملتها وما أنّ رفعتُ رأسي حتى كان قد إختفى ،،
هل كنتُ أحلم ؟ ،،
هممتُ بالحاق به لكنْ لا يسمح لي قبل إنتهاء الوقت .. بقيتُ جالسة على كرسي أوقع على عجل وجسدي في حالة تململ في مكانه حتى إنتهى الوقت ،،
أسرعتُ بإرتداء معطفي والخروج ركضاً أبحثُ عنّه .. لا يعقل أنّه قد ذهب هكذا .. لا بد أنّه في مكان ما ينتظر ،،
بحثتُ في كل مكان حتى في الخارج .. جلتُ بنظري جميع الأماكن علنّي أراه بين الناس لكنّه لم يكنّ ..
شعرتُ بخيبة أمل وحزن .. لقد كنتُ مشتاقة له لسنة كاملة ، لما لم ينتظر قليلاً بما أنّه قد جاء ..
وبينما أنّا في حالة حزنٍ وإحباط .. شعرتُ بأحدهم يضمنّي من الخلف ويهمس في أذنّي : " إشتقتُ إليكِ كثيرا أيتها الكاتبة ..أظنّ أنّي أحببتُ كاتبة ، وأريدها لي " ..
شعرتُ بالدفىء يغمرني وبالسعادة أيضاً .. شددتُ على يده وقلت :" وأنّا أظنني أحببتُ قيساً مجنوناً بي وأريده بشدة "
أدارني لأكون مقابلة له مباشرة .. وقال :" لديّ أمانة لكِ "
- " أمانة ؟ .. ما هي ؟" .. بإستغراب
أمسك بيدي وأخرج من معطفه ذاك الخاتم من تلك الليلة وألبسني إياه مجدداً وقال :" هذه هي الأمانة "
بينما كنتُ في دهشة من أمري أنظر إلى الخاتم تارة وإلى سامي تارة أخرى كنتُ أفكر في ضرب نفسي لأتأكد أنّه حلم .. لكنّه حلم جميل لا أريد ضرب نفسي خشية الإستيقاظ ،،
وفي غمرة دهشتي الصامتة قال :" هل تتزوجينني ؟"
نظرتُ إليه .. لعينيه ، غصتُ بهما .. كدتُ أقول أجل حتى تنبهتُ لأمي من بعيد تنظر إلينا ،،
لقد كانت تجول المكان بحثاً عني .. لوهلة نسيتُ أمرها ،،
ربما اللشوق واللهفة هما السبب ..
نظرتُ إليه نظرة حزن .. أخفضتُ رأسي لا أملك ما أقول ،،
هزني كثيراً من كتفي ملحاً لمعرفة الجواب حتى جاء صوت أمي قائلاً :" إنّها موافقة يا بني " ..مبتسمة
- " أمي ؟ " ..مندهشة
- أمي :" قلتُ لكِ أنّ عليكِ التأنق بقدر ما تستطيعن فلا تعلمين متى وكيف تقابلين الحب صغيرتي "
- " لكنْ .. أمي ، أنتي ... " .. بإرتباك
- أمي :" لا تقلقي صغيرتي .. الإبتعاد لسنة جعلني أتخلص من جميع أفكاري المأساوية وفتح صفحة جديدة مع الحياة .. فكري بنفسك "
لم أقوى على قول شيءٍ ضممتُ أمي بقوة .. قبلتُ يديها ،،
ضممتُ سامي أيضاً قائلة :" أجل موافقة " ..
وفي ذاك المشهد الدرامي الرومنسي الجميل الذي إنتظرته قاطعنا ذاك النادل الغريب قائلاً :" أشكر الله لأنّي قد رأيتُ المشهد الأخير حقيقة أمامي " .. بعيون دامعة
- سامي :" ومن أنت ؟ " .. بإستغراب
- " دقق النظر فيه سامي "
- سامي :"  نادل المقهى ؟" .. بدهشة
الوقف كان غريباً جداً .. لقد شهد ذاك النادل بداية قصتنا كحبيبين والآن بداية قصتنا كزوجين ،،
الحياة غريبة جدا في حياكة أقدار الناس ..
عدنا أنّا وسامي مع أمي لرؤية والديه وإقامة حفل خطوبة .. فلا يمكننا الزواج قبل أنّ يأتي الربيع ، فسامي وسالم قد إتفقا على الزواج معا في الربيع  القادم  إلينا ...
رأيتُ سالم وخطيبته .. كان مناسبين لبعضهما ، ساعدتني خطيبتهُ بإختيار ثوب خطوبة جميل جداً ..
وفي حفل الخطوبة وفي وقتٍ كان الجميع فيه سعداء يرقصون فقدتُ أمي .. خرجتُ للبحث عنها ،،
فوجدتها تتحدث إلى والد سامي الذي كان يخبرها قائلاً : " أجل أنّا صديق زوجك القديم .. لقد كان زوجكِ يحبكِ كثيراً ، لم يشيء أنّ تتألمي معه لهذا رحل ليتألم لوحده بعيدا حتى توفي " ..
إختبئتُ أستمع لبقية الكلام وعيناني على أمي المندهشة من الكلام ..
- أمي :" ما الذي تقصده ؟ .. كيف توفي ؟ " .. بإنفعال
- والد سامي :" لقد كان مصاباً بالسرطان في مرحلة متقدمة .. لقد إكتشف ذلك متأخراً ، كان يتألم وحدة كثراً قبل أنّ يتوفى .. ذاك الغبي لم يعلم أنّكِ ستتألمين كثيراً وأنتي تظنينه قد هجرك دون عودة "
لم يكره أبي أمي .. بل كره أنّ يراها تتألم معه ، لم يردها أنّ تراه في حالة ضعف ،،
لم تعلق أمي على كلام والد سامي .. بقيت ساكنة مكانها تبكي ،،
هنا جاء سامي يبحثُ عني حتى وجدني أبكي أيضاً .. سألني ما الأمر فأخبرته بما سمعت عن والدي ،،
ضمنّي إليه بقوة حتى هدأت ..
ذهبنا لأمي .. سمحتُ لها دمعتها وطلبنا منها ووالد سامي العودة معنا للداخل فالحزن بات من الماضي والآن وقتنا لنفرح ..
وفي وسط إلتقاط صورة جماعية لنا همست لي أمي قائلة :" لقد برد وهدأ قلبي يا طفلتي .. كوني سعيدة فأمك الآن سعيدة جداً لمعرفة حقيقة أنّ من أحبها لم يهجرها أبداً " ...
بعد أيام علمتْ أمي مكان قبر والدي وذهبت لزيارته .. لقد قالت له كل شيء وهي هادئة النفس ،،



                              النهاية ....
                             بقلمي \ سناء قبها 
                    من تاريخ 4 سبتمبر حتى 13 أكتوبر عام 2016 

الثلاثاء، 11 أكتوبر 2016

أحببتُ كاتبة - الجزء (14) .." هل سأجدها يوماً ما؟! " ...

...(14)..." هل سأجدها يوماً ما ؟! " ...
،
مرّ عليّ الشتاء الماضي عاصفاً بالحزن قارصاً جداً ..
كدتُ أجنّ إلا قليلاً ،،
أنّا شاكرٌ لله لإحتفاظي بحالتي العقلية بشكل سليم إلى الآن ..
لكنّي ،،
لكنّي لم أكف طوال السنة الماضية كلها منذ ذاك الشتاء إلى هذا الشتاء عنْ البحث عنّها ،،
المطر ينهمر كما الدموع من عينّي ،،
لقد أدارت لي ظهرها بكل سهولة دونْ قول أيّ كلمة .. أنّا فقط أشعر ببعض الأسى على نفسي ، أشعر بالظلم ..
كيف لها أنّ تفعل بي هذا أنّا الذي كنتُ أريد إهدائها حياتي كُلها ،،
ولأنّي أريد أنّ أعرف لما رحلتْ .. ولأنّي لم أستطع نسيانها أو نسيان أي تفاصيل متعلقة بها ، أريد البحث عنّها دون ملل ..
ذاكرة المكان .. لم أكنّ أعلم أنّ للمكان ذاكرة كما الإنسان ، لا تنسى أبداً ..
فأنّا أسير في الأماكن التي لا زالت تذكرنا معاً .. تنظر إلي الأماكن بإستغراب ، أظنّها تستغرب زيارتي لها وحيدا دونّها ..
البرد قارص والجو ينذر بهطول الأمطار هذه الليلة ويبدو أنّ علي العودة للمنزل ...
عدتُ للمنزل وليتنّي لم أعد ..
والداي لا يكفان عنْ إزعاجي بمسألة الزواج ،،
أصبح الأمر مرهقاً لنفسي كثيراً ...
لا أستطيع الزواج بفتاة وقلبي معلقٌ بغيرها ،،
هذا جنون لا أرغب بفعل هذا ..
إنفعلت بشكل مبالغ به هذه المرة إصرح بأنّي لا أريد الزواج .. ليصرحان بكل قسوة أنّي لا يمكننّي العيش على ذكرة فتاة باتت كالسراب إلى الأبد ، وأنّه آن لي تكوين اسرة الآن ..
إنّهما لا يفكران إذا ما كنتُ سيعداً بالزواج الذي يتحدثون عنّه أم لا  .. كل ما يهمهم رؤية أحفادٍ يؤنسونهم في كِبرهم ،،
هذا الأمر يشكلُ عبأً ثقيلاً عليّ ،،
دخلتُ غرفتي غاضباً .. ألقيتُ بجثتي أنّا الميتُ في الأعماق على السرير ، أغلقتُ عيناي وغصتُ في التفكير ..
خلتُ أنّي سأغرق في تفكيري دونَّ النجاة .. لقد وازنتُ الأمور جميعها في رأسي ، خرجتُ إلى والداي قائلاً :
- " يمكنّكما إختيار الفتاة التي تريدان .. لكنّ تذكرا أننّي مصاب بالحساسية تجاه الأغبياء ، فتاة غبية وعائلة من الأغبياء .. لا أريد شيئاً من هذا " .. بهدوء
إرتسم على محيى والداي علامات الراحة والرضة .. شرعا في نقاشهما عن أفضل الفتيات وأحسنهنّ ، وعدتُ أنّا إلى غرفتي أحدقُ بإطار الصور الذي وضعتُ به الورقة التي إلتقطها من بين أوراق ندى حينْ إلتقيتها للمرة الأولى .. " الحقيقة المرة أفضل من الأوهام البالية ، ولو أسفرت عن قلبٍ محطم " ، الحقيقة أنّها رحلتْ والوهم هو إنتظاري لها لتعود .. وقلبي بات محطم ،،
مرت الأيام بطيئة ثقيلة الدم غريبة كريهة لا تطاق .. ،
وأخيراً وجد والداي الفتاة المناسبة كما قالاً .. وحددا موعداً لذهاب لخطبتها ،،
ذلك يذكرني بموعد العشاء الذي لا يمكننّي نسيان ندى بكامل أنوثتها وأناقتها .. وبالخاتم الذي ألبستها إياه لتعيده حين رحلت ،،
كنتُ متحمساً مشعاً بالطاقة .. على عكس هذا المرة أشعر بأنّي أجر جسدي بصعوبة ، لا أشعر برغبة بفعل أيّ شيء ..
حدثتُ سالم عن الأمر فكان مؤيداً لوالداي .. كان رأيه أنّ علي إكمال حياتي بشكلٍ طبيعي ونسيان الماضي ،،
قال أنّ علي أنّ أخطب فتاة جيدة لنتزوج معاً الصيف المقبل ..
فعلى عكس ما كان متوقع .. لم يتوقع أحدٌ أنّ سالم سيجد فتاة تغنيه عن جميع الفتيات ويرتبط بها ،،
إنّهما مناسبين جداً لبعضهما ..
أنّا سيعدٌ لأجله ..
العمل هذا اليوم كان متعباً جداً .. دخل والدي المكتب وقال أنّ علي الذهاب لشراء ملابس جميلة لأجل موعد هذا المساء مع أهل الفتاة ،،
تذرعتُ بالكثير من الحجج كيّ لا أذهب لكن كلام والدي فجأنّي ،،
- أبي :" قد يكونْ قلبكَ محطماً .. لكنْ عليك أنّ تبدي بعض البهجة اليوم يا عزيزي ، لا يتزوج الجميع عنْ حب .. لكنْ ذلك لا يعني أنّهم يعيشون حياة زوجية تعيسة ، تزوجتُ والدتك دونْ حبٍ وأنّا سعيدٌ جداً معها الآن "
- " أبي .. هل أحببتَ قبل أمي ؟ " .. بفضول
- أبي :" ومنْ لم يجرب الحب ولو مرة في حياته .. الحب الحقيقي يأتي مرة واحدة فقط ، وما بعده فهو مجرد تعايش مع الحياة لا أكثر "
- " عليّ أنّ أتعايش ! " .. تنهدت
هممتُ بالخروجِ لشراء بعض الملابس الجميلة ..
المطر يهطل بخفة .. أرجوك أيها المطر أغسلنّي من الداخل ، إجعلنّي كطفل ولد حديثاً دون ألآم أو ذاكرة ،،
هناك عادة إكتسبتها من ندى لمْ أعد أستطيع تركها .. عادة القراءة ،،
لا يمكننّي المرور بالقرب من مكتبة لشراء الكتب دون تصفح الكتب وشراء واحد لقراءته ،،
دخلتُ المكتبة أسأل عن جديد الكتب والروايات ..
بدأ البائع بسردها لي حتى لفت نظري عنوان " الإعتذار " ،،
سألتُ عنْ كاتب هذه الرواية فأجاب :" ندى الصباح يا سيدي ، هل تريد نسخة ؟ "
تجمدتُ في مكاني دون حراك .. مددتُ يدي ألتقط النسخة منّه ، أقرأ الأسم عليها " الإعتذار ، ندى الصباح " ..
عدتُ سنة للوراء .. عدتُ إلى حيثُ تركتنّي وحيداً حزيناً متألماً ،،
تمالكتُ نفسي وتنبهتُ للبائع ينادي عليّ : " سيدي .. سيدي " ،،
- " أرجوك أريد نسخة من رواية "الإعتذار " رجاءً " .. بصوت مهتز
- البائع :" حسناً تفضل "
دفعتُ له ما طلبه وخرجتُ أسير في الطريق محدقاً بإسمها على الغلاف ،،
إصطدمتُ بالمارة هنا وهناك ..
نسيتُ لما جئتُ إلى هنا .. نسيت أمر الملابس والموعد ،،
أغلقتُ هاتفي .. سرتُ إلى المقهى الذي لم أدخله منذ سنة كاملة ،،
طلبتُ الجلوس بالمكان القديم قريباً من النافذة ..
أنّا الآن أشعر بجميع مشاعري السابقة ، إنّها لا تعود إلّي رويدا بل مرة واحدة ..
طلبتُ فنجاناً من القهوة .. فتحتُ الغلاف الورقي الخفيف الذي شعرتُ بأنّه بثقل طفلُ فيل ،،
قرأتُ الإهداء : " لمنْ أحبهُ قلبي بكل صدقٍ إلى اليوم لا زلتُ أحبك .. آسفة " ..
هل تقصدنّي أنّا ؟ .. هي لم تحب غيري ، أظنّها تقصدنّي أنّا ،،
تصاعدت الدماء إلى وجهي فجأة شعرتُ بشعور غريب .. شعرتُ بالفضول للقراءة ،،
كنتُ أقرأ بشوقٍ وبلهفة كبيرين ، كنتُ أقرأ نفسي وأقرئها ..
لقد كتبت عنّا .. هي تقصدنّي أنّا بلا أدنى شك ،،
لم أعلم كم لبثتُ وأنّا جالسُ أقرأ .. لكنّي حين نظرت منْ النافذة كانت السماء حالكة السواد ، وإذا بصوت نادل يقول لي :"  لقد إنتصف الليل يا سيدي .. يجب أنّ نغلق " !
هنّا تبهتُ لأمر مهم ..
والداي ..
عدتُ للمنزل لأجد أمي في حالة غليان من القلق والخوف .. ووالدي في حالة غليان من الغضب ،،
كان الإعتذار من أهل الفتاة في قمة الإحراج .. وكان الإختفاء خلف سالم الذي بقي طوال الوقت يهدئهما  صعباً جداً ،،
بعد ساعة من الوقت هدأ الجو .. وإختفت الشحنات السالبة من الجو ،،
طلبتُ من سالم الحديث معهُ في غرفتي ..
وحينْ دخلنا الغرفة همستُ له بكل روحٍ إستقيظت من موتها : " لقد وجدتها .. ولا زالت تحبنّي يا سالم "
- " من التي وجدتها ؟ .. ندى ؟ " .. بإستغراب
- " أجل .. أنظر " .. أظهرتُ له الرواية بيدي وإسمها على الغلاف
- " لقد كتبتْ عملاً روائيا جديداً .. لا تقل أنّك كنتَ مختفياً تقرأه "
- " أجل .. في ذاك المقهى ، ولم أشعر بالوقتْ "
- " دار النشر .. أين هي ؟ " .. كمحقق يبحث عن طرف خيط
- " لما ؟ " .. بإستغراب
- " أيها الغبي لنعرف أينّ هي الآن " ..بغضب
- " لقد فهمتُ عليك "
- " سأتواصل مع دار النشر في محاولة لمعرفة بعض المعلومات " ..بحزم
لم أستطع رؤية سالم هكذا دون الشعور برغبة في ضمه ،،
- " أحبك يا صديقي " .. مبتسما
- " كفى .. إنّا مرتبط الآن" .. ضحك
ضحك وضحكتُ معه .. وشعرتُ بهمس والداي مستغربين لأنّي أضحك ،،
دخلا الغرفة في دهشة منّهما .. أنّ إبنهما لم يضحك منذ الشتاء الماضي ،،
- أمي :" بنّي هل أنتَ مريض " .. بدهشة
لقد إندفعتُ نحوها .. ضممتها وضممتُ والدي أيضا ، لا يمكنّهما إستعاب ما يحصل .. ولا يمكنْ لسالم وأنّا التوقف عن الضحك الهستيري ..
- أبي :" ما الأمر أيها الشابان ؟" ..بإستغراب
- " الحب الحقيقي يأتي مرة واحد فقط يا والدي .. وأنّا أريد إيجاده مرة أخرى يا أبي "
- أبي :" ما الذي تهذي به ؟ .. هل وجدت فتاتك ؟"
- " لا .. لكنّي سأجدها قريباً " .. بحزم
مر يومان .. قرأت فيهما الرواية مراراً وتكراراً دون كللٍ أو ملل ،،
شعرتُ بأنّها معي .. بقربي وأنّا أقرأها ،،
إذا كان الغريق يتمسك بقشة .. فماذا يفعل المحب ؟ ، هل يتمسك بأي شعاع أمل يسطع أمامه ! ،،
كنتُ في المكتب حينَ جاء سالم على عجلة منْ أمره .. لقد إقتحم المكتب وكأنه شرطي يقتهم مكاناً مشبوها ،،
- " ما الأمر ؟ .. لما هذا الإقتحام الدارمي؟ " ..بصدمة
- " لقد شاهدتُ هذا في فلم الأمس .. لا يهم هل تريد أنّ تسمع خبراً يعجبك؟" .. بحماس
- " هل علمتْ أينْ هي ؟" .. بلهفة
إقترب منّي سالم وقد كنتُ قد وقفتُ عن الكرسي بسبب صدمة إقتحامه المكان .. نظر في عينّي مباشرة شعرتُ بالخطر فجأة ثم قال :" لقد وافقت  خطيبتي على الأسماء التي إقترحتها عليها حين نتزوج ونرزق بأطفال "
هل يمازحني الآن ؟ ...
شعرتُ بالغضب فجأة فصرختُ بوجهه :"  أيها الغبي كل هذا الإقتحام الدرامي لأجل شيء كهذا ؟! "
ضحك بصوت عالٍ ومسموع :" كنتُ أمازحك فقط لا أكثر " !
ثم أكمل قائلا بنبرة جادة :" سيعقد حفل توقيع لرواية "الإعتذار" للكاتبة " ندى الصباح عما قريبْ "
- " أحقاً ما تقول ؟ .. أين ؟ "
وضع على طاولة المكتب قصاصة ورق وقال :" العنوان وباقي التفاصيل هنا "
هم بالخروج قائلاً :" ثم أنّ أمر أسماء أطفالي موضوع مهم ما ادراك انت"
نظرتُ له نظرة نمر يريد أنّ ينقض على فريسته :" أعبث بعيدا عنّي سالم"
- " هذا بدل منْ أنّ تقول لي شكراً" .. بإحباط
- " هل تريدنّي أنّ أضمكْ ؟" .. بإبتسامة خبيثة
- " لا .. لا .. وداعاً " .. وهرب خارجاً من المكتب
بقيتُ أتأمل قصاصة الورق طوال الوقت ..
أخيراً لقد وجدتها ..

سأذهب إليها ..

                               يتبع ،،
                            بقلمي\ سناء قبها

السبت، 8 أكتوبر 2016

أحببتُ كاتبة - الجزء(13) .. " آسفة لكنْ الوداع " ..

,..(13).." آسفة لكنْ الوداع" ...
،
إجابتي لا زالت ملتصقة على طرف لساني لم انطق بها بعد ،،
ليستْ تلك الفتاة هي السبب بل .. لا أعلم لكنّي شعرتُ أنَّ لساني ثقيلٌ جداً حينها ،،
لمْ أنّم حتى أستيقظ .. لم أشعر بوالدتي حينَ غادرت المنزل هذا الصباح متوجهةً إلى عملها كالعادة ،،
رغمَ أنّها متعبةٌ جداً إلا أنّها لا زالت مصرة على العمل هذا اليوم .. لا ترضى بالراحة أبداً ...
تقول لي دائما حينَ أطلب منّها الراحة :" أحبُ إرهاق جسدي وعقلي بالعمل حتى أمنع نفسي من التفكير بإشياء تشعرني بالحزن .. هذا الإرهاق هو ما يرحمنّي من عذاب التفكير والتذكر ، يمنعني من الإشتياق لمن لا أعلم أين هو وكيف هي حاله " ..
لا تزال تحبُ والدي لهذا اليوم ، لكن هل لا يزال والدي يحبها .. أو يتذكرها حتى ؟! ،،
لا أظنّ لو كان كذالك لغلبه الشوق وجاء إليها راكضاً طلباً للمغفرة ،،
لا أريد التفكير بمن لا أعرفه أبدا .. كُل ما يشغل تفكيري الآن هو أمي التي لا أحد لدي سواها في هذه الدنيا ، لا أخشى الوحدة ما دامت هي معي  .. لا أريد أنّ أكون وحيدة بدونها أيضا ،،
أزحتُ غيمة التفكير السوداء المخيمة فوق رأسي بعيداً .. حاولتُ التفكير بإيجابية قليلاً .. لا شيء يبقى على حاله فالحياة مستمرة والأحوال دائمة التقلب بشكل كبير .. سأستمر بالحياة فقط وسأسير مع تيار القدر حيثُ يريد دون مقاومة ،،
سأبحثُ عن السلمّ لي ولأمي ..
سامي كان نسمة لطيفة قد جعلت حياتي القاحلة والجافة منعشة ، لكنْ ..
لكنْ وجودة بجانبي جعل جروح والدتي تتفح من جديد لتفكر بوالدي مرة أخرى .. سأبتعد بقدر ما أستطيع سأخذها معي ونذهب دونما عودة إلى حيثُ لا نعلم أحد ولا يعلمنا أحد ..
سنبقى وحدنا سعيدتين دون ذكريات ،،
أرتديتُ ملابسي على عجل .. لا أعلم ما أرتديتُ حتى ، لبستُ معطفي الصوفي وخرجتُ قاصدة مكان عمل أمي ..
الشتاء يقترب والجو يزداد برودة ،،
السماء ملبدة بالغيوم تنذر بمطرٍ قادم .. أحب المطر ، أريده أنّ يغسلني منّي حتى أعود أخرى قوية ،،
سرتُ أتأمل الأماكن بعينين كالكاميرا .. أخزن في ذاكرتي كل ما أراه ،،
فهنا إصطدمتُ بسامي وهناك تقابلنا وتحدثنا .. وسرتُ حتى وصلت ،،
وهنا رأيتُ سالم مع أمي ...
وها أنّا أراه في ذات المكان مرة أخرى ،،
- سالم :" ندى ؟ .. ما الذي تفعلينه هنا؟ " ..بدهشة
- " أين أمي ؟ " .. بقلق
- " إنها متعبة وتستريحُ في الداخل " .. بقلق
- " خذنّي إليها"
وفي طريقنا تحدث إلي سالم عن عشاء الأمس ،،
- " لم تخبريني كيف كان العشاء ؟" .. بفضول
- " شهينا" .. مبتسمة
- " لا أقصد ألم يحدث أمراً جميلاً أسعدكِ؟ "
- " جاءت فتاة سوقية رفقة زوجها الثري وقاطعا العشاء وإنصرفت "
- " أوه يا إللهي .. لا تفهمي سامي بشكل خطأ ، ذلك مجرد ماضي بغيض" .. بإنفعال
توقفنا عن السير قلبلا متقابلين في وقفتنا ،،
- " أعطه فرصة أخرى يا ندى .. أعلم أنّك تحبينه وأعلم أنه يحبك كثيراً .. و "
- " ولتعلم أنّي أحب أمي أكثر " .. بعيون حزينة دامعة
- " أعلم لكن ما شأن أمك بالأمر؟" .. بإستغراب
- " أنسى الأمر ولتأخذني إليها الآن "
- " حسناً إتبعيني "
سرنا معا حتى وصلنا إلى غرفة فيها أسرة يستريح فيها الموظفون من العمل عند الحاجة للراحة ،،
كان سالم يتبعني بعينيه وأسئلته الكثير التي تحوم دون أنّ ينطقها ،،
ها هي أمي مستلقيه على إحدى الأسرى نائمة .. أو تدعي ذلك ،،
- " سالم دعنا وحدنا رجاءً "
- " حسنا لكنّ ذلك " .. وإنصرف
سرتُ نحوها بهدوء .. إحتضنتها وهي نائمة ، لقد كانت تبكي ،،
- " لما تبكين الآن .. وهكذا ؟" .. بحزن
- "ندى ..؟" .. بدهشة
إعتدلت جالسة في السرير تمسح دموعها التي قد أزاحت بعض مستحضرات التجميل من عن وجهها كاشفة عن لونٍ أصفر شاحب تحاول إخفاءه ..
- " هل تريدين البقاء هكذا حتى الموت ؟" .. بغضب حنون
- " ذاكرتي تأكلني حية .. ماذا يجب أنّ أفعل ؟" ... تبكي
- " لما يا أمي ؟ .. لما ؟ "
- " سامي السبب ... "
- " سامي ؟ ... ما الذي فعله ؟" .. بإستغراب
- " لم يفعل شيئاً سوى أنّهُ يشبه صديق والدك المقرب إلى حدٍ كبير جداً"
سامي يشبه صديق والدي المقرب إلى حدٍ كبير ! .. هل يعقل أنّ يكون والده حقاً صديق والدي ؟ ،،
لا أريد التحقق من هذا الأمر أريد التخلي عنْ كل شي .. عنْ حبيه له والهروب بعيداً مع أمي ،،
أريد لهذه المسكينة أنّ تشعر بطعم الحياة الحلوة مرة واحد فقط .. لقد جُرحت كثيراً ، وكان أكبر جراحها وقفها ضد الجميع لأجل من تحب ليتركها منْ تحب في ظروفٍ غامضة ،،
- " لنهرب .. لنهرب أمي " .. بنبره قوية
- " إلى أين ؟ " .. بإستغراب
- " إلى حيثُ لا يوجد منْ يذكرك بالماضي "
- " لكنكِ تحبينه .. كيف نهرب بعيدا؟ " .. تنزل رأسها بإحباط
- " أمي " .. أضع يدي على كتفيها .." أنتي أخر منْ بقي لي في هذا العالم ، كل ما أريده هو أنّ تكون هذه الأم القاسية والإنسانة التعيسة سعيدة لمرة واحدة فقط" .. تنهمر الدموع من تلقاء نفسها
ضمتني أمي بقوة ،،
- " لنهرب إذا .. سأقدم إستقالتي ولنهرب بعيدا " .. تبتسم
- " أجل " .. تبتسم
خططنا للرحيل بصمتٍ دونَ أنْ يشعر أحد .. وبدأنا بالترتيب للأمر ،،
فأنّا عدتُ لأكتب رسالة وضعتها في صندوق رفقة الهاتف الجوال والخاتم الذي وضعهُ سامي في يدي تلك الليلة ،،
وضعتُ الصندوق على مكتب غرفتي وبدأت بتوضيب أمتعتي .. ولم أرى سامي أو أي أحد يمت له بصله طيلة إسبوع كامل ،،
أمي قالت أنّها قد أخذت إجازة لسالم في الوقت الذي طلبت فيه التكتم عن أمر إستقالتها بشكل مؤقت لتوضب أمتعتها هي الأخرى ،،
حجزنا تذاكر السفر ولم نهتم بالمكان .. سنذهب بعيدا فقط لنشعر ببعض الراحة لا أكثر ،،
الذكريات .. مهما هربتْ منها ستلاحقك في كل مكان ، لا يهم سأهرب على أي حال ،،
تحدثنا إلى صاحب المنزل عن الإخلاء ليعرض المنزل للإجار بعدنا لمن يرغب ،،
كان الصندوق لا يزال بين يدي ونحن نستقل السيارة المنتجة للمطار .. نزلتُ عند المقهى ، دخلته بخطى مترددة وما هي الا ثواني حتى إستجمعتُ قوتي وسرتُ بكل ما أوتيت من جرأة وقوة ،،
تحدثتُ للنادل الفضولي جداً لأطلب منّه المعروف الثاني .. أعطيته الصندوق ليوصله إلى سامي الذي لم أشئ رؤيته طوال الأسبوع الماضي ، حاول كثيراً ومحاولاته لرؤيتي باتت بالفشل ...
إنّطلقنا نحو المطار .. لقد وصلنا أخيراً ، سنستقل الطائرة لنكون بعد ساعات في بلد كبير ونحن غرباء عن الجميع عن أنفسنا ،،
التحليق بالجو فوق السحاب يعطي شعورا جميلا بالحرية .. أريد التحرر من ماضي أمي ، من حب سامي ... من نفسي ومن كل شيء ،،
أريد النسيان .. الوادع جميعاً ،،
--------------
لقد إنتهى الأسبوع وتجاوزت السيدة نرجس الحد في عطلتها تلك .. لم أستطع الصبر ذهبتُ لسؤال المدير عن الأمر ليصدمني بخبر إستقالتها وتكتمه عن الأمر حتى رحيلها ..
لقد رحلت ؟!! ..
لا أصدق ذلك .. كيف يمكنها الذهاب هكذا دون وداع حتى ؟!! ،،
هذا الشاب يشعر بالحزن الشديد الآن ..
سامي .. ماذا عنْ سامي هل علم برحيل ندى ؟!! ...
تركتُ المكان مسرعاً حيثُ مكان عمل سامي ووالده .. لم أكن لبقاً في إلقاء التحية لعجلتي ، فتحت باب مكتبه بسرعة لأرى تعابير وجهه المرتعبه تلك ..
- " ما الأمر يا سالم ؟" .. بإستغراب وقلق
- " إذا الأم رحلت لمكان بعيد .. هل ترحل طفلتها معها أمّ ماذا" .. يلهث
- " أي أم التي رحلتْ " .. بإرتباك وتوجس
- " السيدة نرجس وندى .. لقد رحلتا" .. بحزن
ملامح الصدمة إعتلت وجه سامي بشكل واضح وبقي على حالة وقتٍ من الزمن حتى إستوعب الموضوع وذهب راكضاً نحو منزلها ، وركضتُ خلفه بكل قوتي ...
وهناك كان الصاعقة الكبرة .. " منزلٌ للإجار" ، لقد رحلتا فعلاً ،،
لا أعلم أي حالٍ كانْ عليها صديقي .. لا يعلم أحدٌ إلى أينَ ذهبتا ولا وسيلة للتواصل معها ،،
لقد كانتا كزبد البحر ...
نظر إليّ سامي بعيونه المحمرة الدامعة و دمائه المحتقنة في وجهه وقال بصوت غليط غاضب ..
- " لما .. لقد كنتُ أريد لي ، كنتُ سأسعدها "
ربتُ على كتفه .. ضممته ،،
بدا لي وكأنّه تذكر أمراً مهما ...
- " المقهى .. سالم المقهى ، ربما تركت لي شيئا مع النادل كالمرة السابقة" .. بتعجل
- " لنسرع الخطى إلى هناك إذنّ "
لقد كان ما توقعه فعلا .. لقد تركت له ذاك الصندوق المعبق برائحة عطرها .. " الخاتم ، الهاتف الجوال ، ورسالة ..." ،،
جلسنا في المكان الذي إعتادت ندى الجلوس فيه .. فضَّ سامي غلاف الرسالة على عجل ، ثم توقف لأخذ نفسٍ عميق قبل قرأتها ..
تردد في البداية .. ثم إستجمع قواه وقرأ ،،
" إجابتي هي (أرفض) .. لا أريد الزواج منّك ، آسفة .. وداعاً ،
لا علاقة لتلك الفتاة السوقية بلأمر .. لا تلمها كانت هذه إجابتي حتى لو لم تأتي لمقاطعتنا ، إجابة ثقل لساني عن نطقها "
ألقى سامي برأسه على الطاولة وراح يدندن بكلمات اغنية غريبة ويضحك بشكل هستيري تنبه له الجميع .. إعتذرت بشدة لهذا الموقف وأخذته لمنزله ، كان والداه في غاية القلق .. كان المساء يقترب ..
تركته في غرفته يتحدث لنفسه ويضحك دونما سبب ..
وخرجتُ أسير في الطريق على غير هدى ..
لا أعلم لما ذهبت وإلى أين .. ولا أعلم ما الذي سيحل بصديقي الآن ،،
هل سيجنّ ..
أيعقل ؟! ..
كمْ من قيسٍ في هذا العالم قد جنَّ بعد رحيل ليلى الخاصة به ،،
هل ليلى الآن سعيدة هائنة البال برحيلها عن قيس الذي أحبها حتى جنّ ،،
لا بد منْ يومٍ تهب فيه نسمة من بلد هي فيه إلى هنّا تحمل لنا أخبار ليلى خاصتنا ..
الأيام ستمر بالتأكيد ..
الثقل في قلبي يرهقني أريد الصراخ لا أكثر ...

                                      يتبع ،،

                                  بقلمي\ سناء قبها