(1) .... " الفضول " ...
كُل يومٍ وفي ساعَتِها
المُعتادة ، تَحُضر إلى المقهى المُعتاد ، تتأبطُ بينَ يديّها روايةٌ لتقرأها
ودفتَرُ تُدونُ فيه ما يروق لها ، وكنتُ ولا زَلتُ أُراقبها كعادتّي دونَ أنّ
تَشعر بي ، أُراقبُ فنجانَ قَهوتها الذّي لا تنفكُ تطلبه كُل يومٍ لكنْ دونَ أنّ
تلامسَ حِفاف الفنجانَ شفتاها ولو لأجلِ رَشفةٍ واحدة ، إنتابني الفضول بسببِ ذلكَ
، ذاتَ يومٍ قررتُ مُحادثتها ...!
فتاة بطلتها تلكَ كيف لأحد
أنّ لا يُلاحظها ، مُرتبة الملابس دونَ مبالغةٍ بالمظهر أبداً ، لمْ تكن تضعُ أيّ
شيءٍ على وجهها أبداً ، لكن لديها ملامحٌ ناعمةٍ لطيفة جداً ، ملامحٌ هادئةٌ تنمُ
عنْ الذكاءِ والحكمة ، بشرتُها نضرةٌ وعيناها فيهمْا بياضٌ ناصعٌ تسبحُ بهِ حدقةُ
عينها البنية ، يتدلى شعرها الحريريّ على كَتفيّها وبعضهُ على مُذكرتّها التّي
تَنحني للكتابةِ عليها دائماً ، لقدْ هبت الرياحُ أمسكتْ بالأوراق كيّ لا تَطيرَ
عبّر نَافذة المقهى الجالسةِ بِقربها ، لكنْ شّعرها تَطاير وفُضولي تَحرك نَحوها
أكثّر ، قلبْي يَخفقُ أريدُ الإقترابْ ، هل أقتربْ ....؟
الفضولُ عندمْا يتحركْ ،،
- مَرحباً آنّستي ، هَل لي
بِمُجالستكِ لبضعِ أسئلة ، منْ فضلك ؟
حَدقتْ بي بنظرة إستِغرابْ تنْمُ بالرفضِ فَتراجعتُ وذهبت ، ولكنّي
قررتُ المُحاولة مرةٌ أخرى في اليومْ التاليّ الّذي جاء سريعاً مع عَجلة فُضولي ،،
لقدْ كنتُ في زاويةٍ منْ زوايا المقهى أنّتظرُ مجيئها ، لقد جاءتْ
كمْا كُل يوم ، لقد جلستْ في مَكانها المعتاد أيضا ، طَلبتْ فنجانْ القهوةِ
المعتاد الّذي لن تتكرمَ عليه برشفةٍ واحدة كالعادةِ أيضاً .. حانَ الوقتْ سأقتربُ مرة أخرى اليومْ ..!
- صباحُكِ سَعيد آنستي ، هلّ لي بأنّ أروي معاطشَ فضولي ؟
- صباحُكِ سَعيد آنستي ، هلّ لي بأنّ أروي معاطشَ فضولي ؟
ترددتْ ثمْ أجابتْ قائلةً لي ،،
- صَباحُكَ سعيد ، لكَ بأنّ تَجلسَ لِبضعِ أسئلة ومنْ بَعدها فلتذهبْ
..
- قهوتكِ كالعادة لم تتكرمّي عليها ولا بأيّ رشفة منْ شفتيكِ ، أنها
لا بدَّ تشتاق لشفتاكِ الفراولية ، لماذا لا ترحمينّها من هذا الشوق ؟
- ماذا بعد ؟
- ماذا بعد ؟
- شَعرُكِ يبدو أنّه يحبُ أنّ تنحني على مذكرتكِ للكتابة ، يبدو أنّه
يجدُ مُتعةً في مغازلةِ ما تكتبين بلمستهِ الحرارية ، ويجد حرية التطايرِ وانتِ
سارحةَ تحملينَّ تلكَ الروايةِ تقرأينَ ، هل لي بأن أغار منهُ ؟
- انّجز ما تريدُ بالتحديد ؟
- لمْا لا تحتسينَ قَهوتُكِ ؟ ، لما تحبينَّ مذكِرتُكِ ؟ ، لمْا انتّي
مغرمة بالقراءةِ لهذا الحدّ ؟
- القهوةُ مؤنسة لا أكثر ، أكرهُ شربها وأنّا لا أُريد .. الأفكار
تضجُ داخلَ رأسي تطلب الحريةَ فأُخرجها على شَكلِ كلماتٍ على الورق الأبيض ، أكره
البياض .. القراءة سفرٌ في المكان إلى الامكان والازمان بمتعة ..!
- منْ تكونينَّ منْ النساء ؟
- قارئةٌ قبلَ أنّ اكونَ كاتبةَ .!
- قارئةٌ قبلَ أنّ اكونَ كاتبةَ .!
لَقد حملتْ أشياءها وغادرتْ ، لقد نَسيت خلفها ورقةٌ كتبَ فيها :
" الحقيقةُ المرة .. أفضلُ من الأوهام البالية ، ولو أسفرتْ عنْ قلبٍ مُحطم
" ..
حَدثُ صديقي عنها في المساء ،
فَهو زيرُ نساء ولديهِ خبرةٌ بالفتيات على مُختلفِ أصنافهنَّ وشخصياتهنّ ، لمْ
أنسى أي تَفصيل صغير وأنّا أوصِفُها له .. ولا أيّ تَفصيل من حواري معها أيضا ،،
- أيها الغبيّ ، دعكَ منّها .. لنْ تكون نداً لقارءةً كاتبة أبداً ،
ستكون الخاسر دائماً ، فهنّ صنفٌ صعبْ الحصُول عليهِ أبداً .. صنفٌ خَطر !
- وكيفَ هذا .. خطر ؟
- فتاةٌ لا تَستهويا الهدايا ولا المشاوير أيضاً ، ليستْ مادية ..
صديقة لمذكرتها وفية لكُتبّها ، لنْ يكون سهلاً أن تخترق حصنَ الكُتبَ الملتف حول
قلبها أبداً .. ، حوارها الأفكار ولا يتسهويها الغزل هل تتخيل هذا ؟! ، تضعُ لك
أحمرَ الشِفاه عندما تَجِدُكَ وجبة أدبية لذيذة .. ترتدي الكعبَ العالي إذا حانَ
الوقت لترحل ، وترحَلُ حين ترتدي للمرة الأخيرة فستانها الأسود المثير أمامكَ ...
وتختفي !
- المجهول .. الخطر ، إنّ هذا يجعلُها مثيرة للفضولِ اكثّر .. أحبْ
خوضَ مغامرة الحصولَ عليها ، سأحصُل عليها .. لنْ تكونّ عصيّة علي !
- ستحطمْ كبريائك وسترى !
لمْ أستّمع لتحذيراتِ صديقّي .. أريدها ، هذا كُل ما كانَ يشغلُ
تفكيري ،،
أُريدّها ..
يتبع ..،
بقلمي / سناء قبها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق