البحث

الجمعة، 16 سبتمبر 2016

أحببتُ كاتبة - الجزء (8) ..."عندما تتشابكْ خيوط القدر" ..

.. (8) .. " عندما تتشابكْ خيوط القدر" ..
 ،
كنتُ سعيدة جداً .. الحديث معه ، الضحك معه .. جلبا لي السعادة ،،
رؤيتهُ مجدداً تشعرني بالسعادة ، لمْ يخدعني ..
هذا ما كنتُ خائفة منه ، لو كانَ شاباً لعوباً لما جاء مرة أخرى ،،
كان سيختفي ولا شك ..
لكنْ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .. لم تدم سعادتي طويلاً ،،
لقد رأتني والدتي .. وحينَ ودعتهُ وعدتُ للمنزل كانت بإنتظاري ،،
المنزل .. إعصار أمي عصف به وجعل المكان في حالة فوضى مفزعة ، انّ دل هذا على شيء فهو دليل على غضب والدتي الكبير،،
كنتُ في دهشة من أمري .. أتسائل لما فعلت هذا ،،
لم أكن أعلم أنها رأتني في أثناء عودتها من البقالة ،،
دخلتُ غرفتها وجدتها في سريرها تبكي ،،
تسألتُ ما الذي يبكيها بعد غصبها ذاك ؟ ،،
جلستُ على طرف سريرها .. ضممتها وهي نائمة ،،
- " أمي .. ما بكِ " .. بقلق
- امي :" لا شيء " .. تخبء رأسها في وسادتها
لا شيء ؟ .. والذي رأيته في الصالة من فوضى ؟ ، بكائها الان ؟ .. لا شيء !! ،،
ما بها ؟ .. حرتُ في أمرها تركتها لتنام وذهبتُ أرتبُ الفوضى في الصالة ، بعدها دخلت لغرفتي أفكر ما الذي جعلها هكذا ! ،،
بل لما لم تخبرني أنّها رأتني ،،
في صباح اليوم التالي استيقظ أمي وكلها نشاط ، أيقظتني كي أتناول الفطور معها ،،
أخذتُ وقتي حتى أعدتُ تعديل هيئتي بعد النوم ، ونزلتُ إليها ،،
لقد أعدت الفطور وهي تبتسم وكلها نشط .. ليست والدتي التي كانت غاضبة تبكي بلأمس ،،
- " أمي .. أنتِ تخيفينني كثيراً هكذا "
- " لما ؟ .. أجلسي هيا قبل أنّ يبرد الفطور" .. مبتسمة
ما هذا بحق ؟ .. حسنا سأهدأ ربما قوى سحرية قد بدلت حال أمي بحركة عصاة من جنية قصص خيالية صغيرة ،،
أعلم أمي حين يكون لدينا ما تقوله ،،
لما لا تقول ما تريد قوله الآن .. هذا مزعج حقاً ،،
جلستُ وجلست هي على الكرسي المقابل لي على الطاولة في المطبخ ،،
تناولنا الفطور وهي تبتسم لي وتخبرني أن أكل كل شي حتى أغدو نشيطة طيلة اليوم ،،
كم هي لطيفة معي اليوم ؟ .. لا بد أنها قد وقعت على رأسها بلأمس ،،
وضعتُ الطعام من يدي لا استطيع أكل أي شي وانا أنظر إليها هكذا ، أريد معرفة ما تخفيه ،،
- " أمي هذا يكفي .. قولي لي ما لديكِ ، تصرفاتك هذه مرعبة أكثر من غضبك .. ، هل حصل امراً ما بلأمس ؟ " .. بعجلة وتذمر
- " لقد كبرتْ فتاتي وأصبح لديها على ما يبدو حبيباً تخرج لرؤيته كُل مساء " .. مبتسمة
- " ماذا .. هل يعقل أنّكِ .. " ... بارتباك
- " رأيتكما .. كنتما سعيدان جدا ، مناسبان لبعضكما " .. مبتسمة
- " أمي .. " .. بدهشة
- " هذا يكفي لنتحدث في وقت لاحق علي الذهاب للعمل ، (سالم) لا بد أنه ينتظرني الان بالتصاميم الجديدة " .. تنهض من مكانها
- " سالم ؟ .. هل هو الشاب الذي يعمل معكِ في شركة الاعلان " ..بفضول
- " أجل " .. مبتسمة
دخلت أمي غرفتها لتبدل ملابسها ،،
وانا نهضتُ لتنظيف الاطباق وترتيب المطبخ ،،
لا تكف أمي عن إحداث فوضى عارمة في كل مرة تغضب فيها وفي كل مرة تطهو فيها ،،
انّها تقودني للجنون ، فأنّا من أرتب دائما .. حسناً بما أنّ لا أحد غيري معها يجب علي فعل ذلك ، ثم أنّ لا عمل لي سوى الكتابة .. أريد أنّ أكتب ،،
- امي :" اعتني بالمنزل جيداً .. اركِ لاحقاَ "
- " حسنا أمي .. سأفعل أراكِ "
خرجت لعملها .. أريدُ أنّ أعمل ، يبدو الأمر مسلياً .. لكنّي درستُ الأدب وكرستُ حياتي كلها له ، حسنا أينّ وضعتُ مذكرتي الآن ؟
ذهبتُ إلى غرفتي في الطابق الثاني ،  بحثتُ في كل مكان علنّي أجدها ،،
أين هيّ ؟ .. أكاد أفقد عقلي ،،
متى أخر مرة كانتْ معي ؟ .. فكري ، فكري ،،
يا إللهي لقد نسيتها ليلة أمس ، كانتْ معي قبل أن أرى سامي حينها ،،
لا بدّ أنّها قد بقيت في مكانها .. سأذهب لإحضارها ،،
ذهبتُ مسرعة إلى هناك ولكنّي لم أجدها .. بحثتُ في كل مكان ولم أجدها ،،
هل هي مع سامي الآن ؟ .. أمّ أنّ أحداً أخر قد أخذها ،،
ليتهُ يكون أحداً أخر ..
إسمي الحقيقي .. مكتوبٌ عليها ،،
حسناً سأهدأ وسأسألهُ عنها المرة المقبلة حينَ أراه ..
عدتُ للمنزل أجر أذيال الخيبة .. حزينة جداً على فقدان مذكرتني ،،
لقد فقدتُ شهيتي للكتابة فجأة .. سأرتب المنزل بدلاً من ذلك ،،
سأحرك ذاك الكرسي هناك واضعه في ذاك المكان ،،
وسأبدل أمكان قطع الاثاث بما يتناسب مع مزاجي الان ،،
سأحاول أنّ اجهد نفسي وكي لآ أفكر ،،
حسناً أريد بعضاً من الراحة هذا مرهق .. تحريك الاثاث لوحدي أمرٌ مرهق ،،
أظننّي سأعد وجبة خفيفة لأمي أخذها إليها في مكان عملها ،،
ستكون سعيدة جداً بهذا .. سأراقبها كيف تعمل وسأنتظرها للعودة للمنزل معاً ..
الوجبة جاهزة الآن .. سأبدل ملابسي وأنطلق ،،
أنّا متحمسة لرؤيتي لها سعيدة .. ستشكرني بلا أدنى شك ،،
خرجتُ من المنزل .. أغلقتُ الباب خلفي ، وبيدي صندوق فيه الطعام ،،
كنتُ أرتدي فستاناً أسود اللون .. وأضعُ على شعري ربطة شعرٍ سوداء ،،
الحذاء .. بقولون أنّ الحذاء الجيد يأخذ صاحبه لأماكن جيدة ،،
الحذاء الأحمر .. سأرتديه ،،
مسافة الطريق وحسب وها أنا الآن أمام باب الشركة .. دخلتُ وسألتُ عن أمي ،،
كانتْ تعمل على تصوير إعلان جديد لأحدى المنتجات ،،
لوحتُ لها من بعيد وبقيتُ مكاني .. لا أريدُ أنّ أخرب عليها أي شيء ، سأبقى مكاني حتى تأتي هي إلي ،،
بضع دقائق فقط وكانت أمي أمامي ..
- أمي :" ( ندى) ما الذي تفعلينه هنا ؟ " .. مبتسمة كما الصباح
مددتُ لها بصندوق الطعام ..
- " أنّه وقتُ الغداء .. تفضلي أمي " .. مبتسمة
- طفلتي الجميلة .. شكراً لكِ ، تبدين مبهجة جداً اليوم رغم أنّك ترتدين الاسود .. هل الحب هو السبب" .. وضحكت
- " امي هذا يكفي " .. خجلة
لقد أحمرتْ وجنتاي ، كانْ عليها إلا تقول هذا بصوت مرتفع ،،
ماذا لو سمعها أحدٌ ما ،،
ذهبتُ وأمي إلى الكافتيريا ، قالتْ أن جوها جميل لتناول وجبة غداء لطيفة مع طفلتها ، لستُ طفلة فأنا في العشرينات من عمري الآن ..
كان هناك شابٌ يجلسُ على طاولة قريبة منّا .. نادتهُ أمي لمشاركتنا الطعام ،،
- أمي :" سالم تفضل لتناول الطعام معنا .. طفلتي الصغيرة أعدته " ..مبتسمة
مبتهجة لطيفة جدا .. أو غاضبة قاسية جداً  ،،
ألا تمتلك والدتي حلاً وسط ،،
لمْ يقل لها الشاب لا بل حضر .. أزاح احدا الكراسي وجلس ،،
- سالم :" يبدو شهياً جدا .. اوه طفلتك جميلة سيدة نرجس ، لكنْها تضج بالانوثة فكيف أستغرب مناداتك لها بالطفلة " .. مبتسماً
- امي :" كف عن مغازلة كل فتاة تراها أيها الشقي وتناول الطعام بهدوء"
- " حسنا سيدتي" .. قالها كمجند
لقد كانا يضحكان .. ما المضحك بالأمر ؟ ،،
حسناً .. كنتُ مضطرة لسماع نكات أمي وسالم الغريبة طوال فترة الغداء بضجر حتى حان وقت عودتها للعمل ، الرحمة نزلت عليّ أخيراً ،،
- أمي :" سأعود للعمل .. يمكنكِ العود للمنزل "
- " أريدُ البقاء وإنتظارك للعودة معا للمنزل .. هل هذا ممكن أمي؟ "
- أمي :" حسنا .. لا تسببي المشاكل ، ولا تقتربي من سالم .. فهو زير نساء خطير " ... ضحكت
- سالم :" سيدة نرجس هذا يكفي " .. محتجاً
- أمي :" للعمل أيها الشقي .. وإياك أنّ أمسك تتحدث إلى إحداهن على الهاتف "
- سالم :" حسناً "
ذهبا وبقيتُ وحدي أجول المكان ، أنظري لكل ما هو حولي أحاول التعرف على الأِشياء هنا وهناك في إستديوهات التصوير ،،
حسنا .. لقد مللت ، هل كان يجب على مذكرتي أنّ تضيع ،،
سأجدها .. إنّ لم أحدها سأحضر غيرها ، يجب أنّ لا أحزن ،،
ذهبتُ للخارج لإستنشاق بعض الهواء .. كنتُ قبلها أراقبُ أمي متسائلة لما أبي تركها وذهب ، كان يحبها كثيراً .. كان الجميع يقولون حين تزوجا أنّهما مناسبين تماما لبعضهما ، أحبا بعضهما كثيراً .. لكن ،،
ترى كيف يبدو والدي ، لم أره أبدا .. لقد ذهب وتركنّي خطيئة في رحم أمي ، خطيئة لا تنفك تذكرها به كلما نظرت إليها ، تقول لي دائما أنّي أشببه في هئته وتصرفاته ، لقد أحرقت جميع صوره لم تبقي على أي صورة .. كنتُ أرغبُ في رؤيته لا أكثر .. كي أعرف إلى أي حد يشبهني أبي ..
ترى أين هو الان ؟ .. هل هو حي أم ميت ؟ ،،
لا يهم ..
كنتُ ادور في دوامة أفكاري حتى جاء ناداني من الخلف أحدهم ،،
اوه لقد كان سالم ،،
- سالم :" بما أنتّي شاردة الذهن؟ "
- " لا شيء " .. بإنزعاج
- سالم :" لما أنتي منزعجة هكذا ؟ .. ربما وجودي هو السبب "
- " اجل .. ثم أمي حذرتني منك "
- سالم :" ما أسمكِ ؟ "
- " ندى .. ندى الصباح "
ما أنّ قلتُ إسمي حتى غرق سالم في دهشة لم أعرف لها تفسيراً ،،
ما به ؟ .. لقد تجمد مكانه حقاً ،،
- " يا أنت .. هل أسمي غريب لهذه الدرجة ؟" .. بإنزعاج وغضب
- سالم :" قلتِ أن إسمك ندى الصباح ، هل أنتّي كاتبة ؟ " .. منفعلاً
- " أجل .. لما ؟ " .. بإستغراب
- سالم : ضحك .." ندى الصباح إسمٌ جميل "
- " لا أظنه يدعو للضحك  أبداً " .. بغضب
- سالم :" لا عجب أنّه أحبكِ .. ذاك الشاب حقا" .. تمتم بصوت منخف ثم ضحك
- " لم أسمع ما قلته "
- سالم :" والدتكِ قادمة .. لقد أنتهى الدوام ، سررتُ بلقائك وداعاً "
لوح لي بيده مغادرا وهو يضحك بشكل غريب ، هل هو مجنون ؟ ،،
لا بأس عدتُ وأمي للمنزل .. لقد أندهشت من ترتيبه الجديد ،،
احبته .. لقد قالت أن ترتيبي للأثاث هذه المرة جميل ،،
ذهبتْ لغرفتها لتبديل ملابسها ، وذهبتُ أفكرُ بأمر مذكرتي ،،
هل يعقل أنّ يأتي سامي هذا المساء ،،
حسناً وإنْ جاء أشعر بأنّ لا رغبة لي بالخروج .. سأنام رغم أنّ الوقت مبكر على النوم ،،
حاولتُ أنّ اغمض عياني ، وما أن فعلت حتى قفز سالم إلى رأسي بتعابيره المندهشة وضحكته الغريبة ،،
( ندى .. ندى الصباح) ، هل إسمي غريب .. حسنا أنّه يعاكس إسم (قمر) الذي يناديني سامي به ،،
النهار في إسمي الحقيقي .. الليل في إسمي الآخر ،،
ندى ... قمر ،،
أظننّي أحبهما كلايهما ،،
دار الإسمان حول رأسي كما تفعل الكواكب حول الشمس ،،

حتى نمتُ قبل أنّ يحل الظلام ..

                                    يتبع ،،
                                   بقلمي \ سناء قبها



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق